لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
79699 مشاهدة
علاج السحر

يقول:
وحلـه بالوحـي نصـا يشـرع
أمـا بسحــر مثلـه فيمنــع
يعني: علاجه يكون بالوحي، يعني بالآيات والأحاديث والأدعية، وكذلك بالأعمال الصالحة التي من تحصن بها؛ حفظه الله -تعالى- فيذكر لنا بعض القراء أن الشيطان أو الجان الذي يلابس الإنسان يتكلم على لسان ذلك المصروع فيسأله ذلك القارئ: لماذا لا تدخل في فلان؟ فيقول: إنه يتحصن، لا أقدر، إذا قربت منه لم أتمكن منه؛ لأنه يتحصن بالأوراد، وبالأعمال الصالحة، ونحو ذلك؛ فهذا دليل على أن التحفظ بإذن الله بالأوراد والأدعية حصن حصين من ضرر السحرة ونحوهم، وإن كان قد يتسلط، يسلط الله -تعالى- على بعضهم، ولكن إذا عولج بالآيات وبالأحاديث وبالأدعية شفي بإذن الله.
وقد ذكر الشارح يعني صاحب فتح المجيد نقلا عن ابن كثير في التفسير، في تفسير آية السحر: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ في علاج السحر أن من أخذ سبع ورقات من سدر أخضر، ثم دقها بين حجرين حتى تمتزج، ثم صب عليها ماء، ثم قرأ فيه آية الكرسي ثلاثا، وآيات السحر في سورة الأعراف: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ .
سورة يونس قول الله تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ وفي سورة طه: قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ويقرأ سورتي المعوذتين، وسورتي الإخلاص: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يكرر ذلك ثلاث مرات، ثم يشرب منه ثلاث جرعات، ويغتسل بباقيه أن ذلك يحل هذا العمل الشيطاني. قال ابن كثير وهو جيد للرجل إذا حُبس عن أهله .
فهذا علاجه بالوحي. أما بسحر مثله فيمنع يعني: لا يجوز علاجه بسحر مثله وعليه يحمل كلام الحسن -رحمه الله- في قوله: لا يحل السحر إلا ساحر، وكذلك ما ورد في حديث عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن النشرة فقال: هي من عمل الشيطان يعني أن هذه حل بسحر مثله من عمل الشيطان؛ وذلك لأنا نعرف أن السحر من عمل الشيطان، وأن الساحر الذي يحله يتقرب إلى الشيطان؛ يتقرب إلى الشيطان بما يحبه من دعائه والشرك به حتى يبطل عمله عن ذلك المسحور، فيكون الذي يتقرب إلى الشيطان سواء بعمل السحر أو بحله يعتبر مشركا، فأما إذا عولج بالرقية الشرعية، وبالأدوية النافعة، وبالدعاء المفيد فإن ذلك جائز، وهو مفيد بإذن الله.
وهناك قراء معروفون بذلك يعالجونه، فيؤثر علاجهم بالرقية بإذن الله، وكذلك أيضا بالأدعية، ذكر لنا بعض الإخوة أن امرأته أصيبت بعمل سحر كأن ذلك الساحر أو العامل أطعمها شيئا فبقي في بطنها، فعولجت بالرقية، ولكن لم تتأثر، وكلما أكلت شيئا من الطعام تقيأت وخرج منها، ولم يستقر في بطنها شيء إلا القليل وبقيت نحو عشر سنين، وهو يعالجها ولم تستفد، ثم إنه توجه معها مرة لأداء العمرة، فمكثا بعد الانتهاء من العمرة في الحرم الشريف وجعل كل منهما يدعو ربه طوال ليلهما، يكثر من الدعاء ولما خرجا من باب الحرم بعد الصباح تقيأت فخرج من بطنها قطع من صوف، ومن خرق، ومن أدوية أو أمراض، ومن دم متجمد، خرجت دفعة واحدة فشفيت بإذن الله. فقال لها الراقي: إن هذا تمكن منها فلم تستفد من الرقية إلا بعد أن خرجا، بعد أن أكثرا من الدعاء، فأجاب الله -تعالى- دعوته .